بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاه و السلام على رسول الله
امابعد...
اخيه اعلمي ان الدنيا دار عمل والاخره هي دار القرار
لاتركنن الىالدنيا ومافيها لاشك ان الموت يفنينا ويفنيها
يا من تملّـك الحزن قلبها.. وكتمالهمّ نفسها.. وضيّق صدرها.. فتكدرت
بها الأحوال .. وأظلمت أمامها الآمال .. فضاقت عليها الحياة على سعتها..
وضاقت بها نفسها وأيامها وساعتها وأنفاسها !
لا تحزني .. فالبلوى تمحيص .. والمصيبة بإذن الله اختبار ..
والنازلةامتحان .. وعند الامتحان يُكرم المرء أو يهان ..
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك ؟
إن يكن سببه مرض فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء ..
قال الله جل وعلا : ( وإذامرضت فهو يشفين )
وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة فتأملي خطابمولاك
الذي هو أرحم بك من نفسك :
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهملاتقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا)
وإن يكن سبب حزنك ظلمحلّ بك من زوج أو قريب أو بعيد ، فقد وعدك
الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلانوالذل .. قال تعالى
في الحديث القدسي للمظلوم :
{ وعزتي وجلالي لأنصرنكولو بعد حين }.
وإن يكن سبب حزنك الفقر والحاجة ، فاصبري وأبشري .. قالالله تعالى :
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموالوالأنفس
والثمرات وبشر الصابرين
وإن يكن سبب حزنك انعدام أو قلة الولد ،فلست أول من يعدم الولد
ولست مسؤولة عن خلقه ..
قال تعالى: لله ملك السماواتوالأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء
إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ، أو يزوجهمذكرانا وإناثا ويجعل
من يشاء عقيما
فهل أنت من شاء العقم ؟ أم اللهالذي جعلك بمشيئته كذلك ! وهل لك أن
تعترضي على حكم الله ومشيئته ! أم هل لزوجكأو سواه أن يلومك على ذلك ..
إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباًلحكم الله ومعقّـباً عليه ..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله !
لا تحزنيمهما بلغ بك البلاء ! وتذكري أن ما يجري لك قضاء يسري ..
وأن الليل وإن طال فلابد من الفجر !
وإليك أختي المسلمة .. كلمات نيرة تدفعين بها الهموم .. وتكشفعنك
بإذن الله الأحزان ..
أولا : كوني ابنة يومك
إنسي الماضي مهماكان أمره ، انسيه بأحزانه وأتراحه ، فتذكره لا يفيد في
علاج الأوجاع شيئاً وإنماينكد عليك يومك ، ويزيدك هموماً على همومك ..
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولت .. ولا تتشاءمي بأفكار ما أحلت!
وعيشي حياتك لحظة بلحظة .. وساعة بساعة .. ويوماًبيوم !
تجاهلي الماضي .. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان .. وامسحي
منصفات ذكرياتك الهموم والأحزان .. ثم تجاهلي ما يخبئه الغد ..
وتفائلي فيهبالأفراح .. ولا تعبري جسراً حتى تقفي عليه ..
فالماضي عدم .. والمستقبل غيب !
تأملي كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال :
{ اللهم إني أعوذ بك منالهم والحزن ، والعجز والكسل ، والجبن
والبخل ، وقهر الدين وغلبة الرجال }
[ رواه البخاري ومسلم ]
أختي المسلمة .. يومك يومك تسعدي .. أشغلي فيه نفسكبالأعمال النافعة ..
واجتهدي في لحظاته بالصلاح والإصلاح .. استثمري فيهلحظاتك
في الصلاة .. في ذكر الله .. في قراءة القرآن .. في طلب العلم ..
فيالتشاغل بالخير ..
في معروف تجدينه يوم العرض على الله ..
يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود
لو أن بينها وبينه أمدابعيدا
ثانياً : تعبدي الله بالرضى
اجعلي شعارك عند وقوع البلاء :
إنالله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها ..
اهتفيبهذه الكلمات عند أول صدمة .. تنقلب في حقك البلية مزية ..
والمحنة منحة .. والهلكة عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية :
ولنبلونكم بشيء منالخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين ، الذين إذاأصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمةوأولئك هم المهتدون
ثالثا ً: افقهي سر البلاء
لا تحزني .. فالبلاء جزءلا يتجزء من الحياة .. لا يخلو منه غني ولا فقير ..
ولا ملك ولا مملوك .. ولانبي مرسل .. ولا عظيم مبجل .. فالناس
مشتركون في وقوعه .. ومختلفون في كيفياتهودرجاته ..
لقد خلقنا الإنسان في كبد
لا تحزني .. واستشعري في كل بلاء أنكرشحت لامتحان من الله !..
تثبتي وتأملي وتمالكي وهدئي الأعصاب .. وكأن منادياًيقول لك في خفاء
هامساً ومذكرا ً: أنت الآن في إمتحان جديد .. فاحذري الفشل ..
تأملي قوله : { من يرد الله به خيراً يصب منه } [ رواه البخاري ]
رابعاً : لا تقلقي
فالمريض سيشفى .. والغائب سيعود .. والمحزون سيفرح .. والكرب سيرفع ..
والضائقة ستزول .. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ..
فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا
لا تحزني.. فإنما كرر الله اليُسْرفي الآية .. ليطمئن قلبك .. وينشرح صدرك ..
وقال : { لن يغلب عُسر يُسرين }..
خامسا ً: اجعلي همك في الله
أخيـّه.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض .. فاجعلي همك في السماء ..
ففي الحديث : { من جعل الهموم هماً واحداً هـمَّ المعاد، كفاه الله سائر همومه
ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أيأوديتها هلك }
[ صحيح الجامع ]
لا تحزني .. فرزقك مقسوم .. وقدرك محسوم .. وأحوال الدنيا لا تستحق
الهموم .. لأنها كلها إلى زوال .. وما الحياة الدنيا إلامتاع الغرور
إذا آوى إليك الهم .. فأوي به إلى الله .. والهجي بذكره :
( اللهالله ربي لا أشرك به أحداً )
( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )
( رب إنيمغلوب فانتصر )
فكلها أوراد شرعية يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب ..
اطلبي السكينة في كثرة الإستغفار .. استغفري بصدق مرة ومرتين ومائة
ومائتينوألف .. دون تحديد متلذذة بحلاوة الاستغفار ..
ونشوة التوبة والإنابة ..
] إنالله يحب التوابين ويحب المتطهرين [
اطلبي الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح ،والتهليل ، والصلاة على النبي الأمين
وتلاوة القرآن ، ألا بذكر الله تطمئنالقلوب
لا تحزني .. وافزعي إلى الله بالدعاء .. لا تعجزي ففي الحديث
{ أعجزالناس من عجز عن الدعاء } تضرعي إلى الله في ظلم الليالي ..
وأدبار الصلوات .. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيةً إليه .. باكيةً لديه ..
سائلةً فَرَجه ونَصرهوفتحه .. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو
يحب المُلحين في الدعاء ..
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
واخر دعوانا انالحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على المبعوث رحمتا للعالمين
نبينا محمدوعلى اله وصحبه وسلم اجمعين.